الحظر السعودي على منتجات لبنان الزراعية: دوافع أمنية… والخسائر بالملايين
لا يزال قرار السعودية منع دخول الخضار والفواكه اللبنانية إلى السعودية أو العبور من خلال أراضيها، يتفاعل لما له من تداعيات اقتصادية وخيمة، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية القاسية التي تعصف بلبنان.
وفي أول تعليق له على الأزمة، شدد السفير السعودي وليد البخاري، أمس، على أن «دوافع القرار السعودي أمنية في المقام الأول، وتهدف للحفاظ على سلامة وأمن المملكة العربية السعودية ومواطنيها والمقيمين فيها»، مشيرا الى أن «تهريب المخدرات إلى السعودية وترويجها، يكشفان عن حجم التحدي الذي تواجهه السعودية من شبكات الإجرام المحلية والدولية».
من ناحيته، قال السفير اللبناني في السعودية، فوزي كبارة، في تصريح لـ «العربية. نت»، أمس: «طلبنا من السلطات اللبنانية المختصة اتخاذ إجراءات أمنية لمعالجة الموضوع بالضرب بيد من حديد لوقف هذه المهزلة وإنزال أشد العقوبات على المهرّبين، والتشدّد في ضبط الحدود، وملاحقة مصانع المخدرات، ومن ثم تقديم ضمانات للسلطات السعودية في أقرب وقت ممكن بمنع تكراره في المستقبل، كي تتم إعادة النظر في هذا القرار وتجنُّب أن يصيب منتوجات أخرى، وذلك في سبيل الحفاظ على سمعة لبنان واللبنانيين الأبرياء وعلى أفضل العلاقات بين لبنان والسعودية».
وكان وزير الزراعة اللبناني، عباس مرتضى، قد كشف عن حجم الخسائر الاقتصادية التي ستتحملها بلاده بسبب القرار السعودي منع دخول الخضراوات والفواكه اللبنانية أو عبورها من أراضيها، مشيرا الى أن «قيمة صادراتنا للمملكة 24 مليون دولار سنوياً».
لكن خبراء أشاروا الى أن رقم الخسائر سيكون أكبر بكثير إذا أضيفت اليه الخسائر التي ستنتج عن منع عبور المنتجات الى دول أخرى مثل دول الخليج.
«حزب الله» المتهم
وبينما نشرت قناة «الإخبارية» السعودية الرسمية تقريرا بعد إحباط عملية التهريب بعنون «حزب الله والمخدرات»، مبرزة نشاط الحزب في هذا المجال والاتهامات الموجهة له بتجارة المخدرات، نقلت وكالة رويترز عن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، محمد فهمي، تأكيده، أمس الأول، أن «لبنان على استعداد للتعاون مع كل الدول لمكافحة تهريب المخدرات بعد الحظر السعودي»، مشيرا الى أن «لبنان بذل جهودا مضنية لمحاربة تهريب المخدرات، لكن المهربين يحققون نجاحات في بعض الأحيان». ولفت الى أن «الجرائم المتربطة بالمخدرات وباء يتطلب تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية للدول المعنية».
وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قد تسلمت القرار قبل إعلانه، ونقل الوزير شربل وهبة الموضوع الى كبار المسؤولين. وأوضحت الوزارة في بيان أن «تهريب المخدرات في حاويات أو شاحنات محملة بالفواكه والخضار من لبنان الى الخارج عمل يعاقب عليه القانون اللبناني، وتؤكد أن تهريب المخدرات وشحنها يضربالاقتصاد وبالمزارع اللبناني وبسمعة لبنان».
وتابع: «على السلطات اللبنانية العمل بأقصى الجهود لضبط كل عمليات التهريب، عبر تكثيف نشاط الأجهزة الأمنية والجمارك على المعابر الحدودية، في ضوء القوانين اللبنانية التي تجرّم الاتجار وتهريب وتعاطي المخدرات، لقمع هذه الآفة وتفشيها ولمنع الإضرار بالمواطنين الأبرياء وبالمزارعين والصناعيين وبالاقتصاد اللبناني».
وفي ردود الأفعال، رأى رئيس حزب القوات سمير جعجع أن «إنجازا جديدا يسجل اليوم للعهد القوي وحلفائه، إذ تمكنوا من حرمان المزارعين اللبنانيين من سوق أساسي وحيوي لمنتجاتهم، وذلك بسبب تغطية أفرقاء من المجموعة الحاكمة لتجارة الممنوعات، كما بسبب تقاعس الإدارات والأجهزة اللبنانية المعنية بهذا الأمر للأسباب المعروفة».
وأضاف «أصبح أكيدا وواضحا أن كل يوم تستمر فيه هذه المجموعة الحاكمة، وهذا العهد القوي سيحمل معه مصيبة جديدة تقع على رؤوس اللبنانيين. لقد أصبح واضحا وجليا فشل المجموعة الحاكمة الحالية وإفسادها وسعيها الى مصالحها الخاصة البحتة على حساب مصالح اللبنانيين أجمعين».
وأكد أنه «لا خلاص لنا من مصيبة جديدة كل يوم إلا بالتخلص من هذه المجموعة الحاكمة، ولا سبيل إلى ذلك سوى بانتخابات نيابية مبكرة يتحمّل اللبنانيون فيها مسؤولياتهم من أجل إنتاج سلطة جديدة تعيد الاعتبار لمشروع الدولة«.
المحاسبة آتية
أما رئيس «حزب الكتائب اللبنانية» النائب المستقيل سامي الجميل، فقد أشار في تصريح له على مواقع التواصل الاجتماعي، تعليقًا على القرار السعودي ابتداءً من اليوم، إلى أن «بعد ضرب كل القطاعات المنتجة القادرة على جذب عملة صعبة، ها هو الفلتان الحاصل على الحدود وتهريب البضائع والمخدرات، يؤدّي إلى ضرب المزارع اللبناني، جرّاء مغامرات أمراء الكبتاغون. شكرًا لتحالف المافيا – الميليشيا». وأكّد أنّ «المحاسبة آتية».
وشدد عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبدالله على أنه «يجب ضبط الحدود، البلد يستنزف، وأنا أتمنى على السعودية أخذ بعين الاعتبار وضعنا وألا تعاقب البلد بكامله والقطاع الزراعي بكامله، بسبب هذا الخطأ الكبير لكن أتفهم القرار لأنها بالنهاية تريد حماية مجتمعها».
وشدد على أن «أي تهريب بأي اتجاه بهذا الحجم يعني أن هناك خيارين أو أن يكون له غطاء سياسي أو غطاء أمني أو الاثنين معاً».
وكان رئيس تجمّع المزارعين والفلاحين في البقاع ابراهيم الترشيشي قد كشف أن «الانتاج الزراعي اللبناني بريء من تهمة تصدير المخدرات الى السعودية»، مشددا على «عدم ارتباط الجانب اللبناني من مزارع أو مصدر بهذه البضائع التي ضبطت في السعودية، والكل يعلم هذا الأمر، فالشاحنة الأخيرة محملة بالرمان ونحن لا نملك رمان لنصدّره بل نستورده، ونحن منذ سنتين نلاحظ دخول شاحنات زراعية غير لبنانية المنشأ على خط التصدير عبر لبنان، وكل ما يتم ضبطه من ممنوعات ومخدرات يتبين أن الشاحنات سورية المنشأ ولا علاقة لأي مزارع أو مصدر لبناني بهذا الأمر، بل هي شاحنات قادمة من سورية بشكل ترانزيت، وتصل الى مرفأ بيروت وتحمل بالبواخر وتصدر على خط لبناني، وهذا الأمر يتكرر منذ سنتين، ولكن نحن لا علاقة لنا بها، فأوراقها سورية بالكامل ويستعملون الخط اللبناني فقط».