أخبارمنوعات

( التكيف ) مع كورونا يعود بالعالم لفتح أبوابه للحياة من جديد

 “عالم الغد بعد وباء كورونا لن يكون على ما هو عليه قبلها”.. بهذه العبارة استشرف الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه في كلمة له في مايو عام 2020 الصورة التي سيصبح عليها العالم بعدما فعل فيه هذا الفيروس الأفاعيل.
تغيرت خطط الدول وتبدلت أولوياتها برسم هذا المرض الذي استهدفت آثاره صحة الإنسان وسلوكه فتارة يقعده طريح الفراش وتارة يدخله غرف العناية الفائقة وأخرى يجعله يودع الحياة وفي كل حال لا يخلو الأمر من أثر نفسي إن كان على المريض ذاته وإن على محيطه علاوة على تداعياته على اقتصاد العالم بكل ما يعنيه ذلك من خطط وبرامج وأهداف اقتصادية وتنموية واجتماعية وغيرها.
فمع بداية انتشار الوباء قبل أكثر من عام ونصف العام ليتطور لاحقا إلى جائحة أغلقت البشرية باب الكرة الأرضية خلفها ودلفت إلى غرف الوقاية والحجر المنزلي الطوعي ما أفرز انقطاع السبل بين الناس وغلق الحدود بين الدول وتاليا تأثر نفسيات الأفراد وتعرضهم للعديد من الأزمات الملحوظة منها والخفية.
ووسط هذه الظروف الاستثنائية كان الإنسان بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التكيف مع ما جاء به الفيروس من قلق وصل حد الهلع ومخاطر بلغت حد خسارة الأحباب فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه وتكيفه مع مثل تلك الظروف بحسب ما ذكرته الأستاذة المساعدة في علم النفس التربوي الدكتورة وسمية العباد لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم السبت “يعكس القدرة على تجاوز الظروف غير الاعتيادية بوسائل ترجع له حالة التوازن النفسي الداخلي” التي هددتها الجائحة.
وأضافت العباد أنه مع انتشار الفيروس استبد بالإنسان الخوف من الإصابة بالمرض فحرص إجمالا على الوقاية منه بعزل نفسه تماشيا مع التوجيهات الصحية المحلية والدولية والتزام التباعد بينه وبين أقرانه ريثما تتضح الطريق المؤدية إلى عبور تلك الأزمة بسلام.
وأوضحت أن التدرج في تعرف الفرد على طبيعة الفيروس والمرض أدى إلى تبنيه آلية خاصة به للتعايش معه لاسيما أن طبيعة الإنسان الاجتماعية دفعته إلى العمل على إعادة التوازن النفسي الداخلي للرجوع إلى حالة الاستقرار ومواجهة الصعوبات الخارجية التي فرضها (كورونا) بالتالي العودة إلى ممارسة حياته الطبيعية بما يتناسب مع هذه الفترة فبدأ يتكيف مع هذه الظروف ويمارس حياته بصورة طبيعية تتناسب مع هذه الظروف بمساعدة التوجيهات والالتزام بها ولا ننسى تحسن المؤشرات الصحية في العالم واكتشاف اللقاحات وازدياد نسب التطعيم تباعا.
وذكرت أن “الجهات الرسمية على مختلف المستويات في دولة الكويت ومن خلال بثها الآني للتوجيهات والمعلومات الصحية عن الوباء ساعدت الفرد والمجتمع بتبني آلية خاصة للتكيف والتعايش مع الفيروس” والعودة إلى ممارسة حياته الطبيعية بما يتناسب مع هذه الظروف مما خفف وطأة العزلة والقلق الذي كان يعيشها في بداية الأزمة.
من جانبها أكدت الأستاذة المشاركة في قسم علم النفس بجامعة الكويت الدكتورة حصة الناصر أن المشاعر في بداية الجائحة كان يغلب عليها القلق وعدم اليقين لأن الوباء مستجد وغير مسبوق وبتوفر الدراسات العلمية واللقاحات انقلب القلق الى طمأنينة وتفاؤل فبدأ الانسان بالتكيف والتأقلم مع البيئة المحيطة به وبدأ يعود للاستمتاع بالحياة وتنفس الصعداء مقتنعا أن التعايش مع الجائحة أمر لا بد منه.
ومع العودة إلى الدوام الكامل في كل أجهزة الدولة أوضحت الناصر أن التكيف “شمل بعض السلوكيات الصحية كوضع الكمام والتعقيم والتباعد وحتى طريقة السلام أصبحت جزءا من سلوكنا اليومي” متوقعة “استمرارها مع استمرار الجائحة”.
أما بالنسبة لشرح مفهوم التعايش قالت أستاذة التخطيط الاجتماعي بجامعة الكويت الدكتورة سهام القبندي ل(كونا) إن هذا المفهوم يقوم على مبدأ قبول الفكرة أيا كان محتواها السلبي أو الإيجابي والتعامل معها ثم التأقلم عليها وهو ما حدث مع جائحة كورونا التي بدأت غريبة مخيفة تحمل الكثير من المصائب والعزلة والتباعد حتى بين أفراد الاسرة الواحدة لكن الإنسان الذي لم يألف البعد والعزلة وجد الطرق المناسبة للتعايش معه بتسلحه بالمعلومات الصحية وأخذه التطعيمات الخاصة بالوباء مما مهد له ذلك العودة تدريجيا وبنجاح الى الحياة الطبيعية.
وأضافت القبندي أن الأوبئة موجودة في حياة الإنسان منذ الأزل لكنه استطاع الانتصار عليها بالصبر وباكتساب المهارات والقدرات والمعلومات سواء كانت صحية أو نفسية أو اجتماعية مما مكنه من تقبلها بالتالي التعايش معه فأصبح البشر حاليا يألفون مرض (كوفيد 19) عن طريق فهمه بما تيسر لهم من معلومات استقوها من عالم التكنولوجيا المحيط بهم فلم يستسلموا للخوف منه كما كان في بداية ظهوره مما انعكس على حياتهم اليومية سواء بالذهاب الى أعمالهم او التسوق او السفر.
وبينت أن العالم أدرك أن العزلة التامة أو إيقاف حركة الحياة كانت لهما جوانب سلبية صحية واجتماعية وصحية مما دفعه لعدم الاستسلام وإيجاد استراتيجيات وآليات وخطط تعيده إلى الحياة الطبيعية ولو باختلاف عما كان سابقا كالالتزام بالتباعد الاجتماعي ولبس الكمامات والالتزام بالاشتراطات الصحية وغيرها من أمور صحية فرضتها علينا الجائحة.
ونصحت الجميع بعدم الاستسلام للمشاعر السلبية تجاه الوباء “فعليهم التسلح بالحقائق والتدابير للوصول الى الهدوء النفسي الذي يمكنهم من العودة للعيش مع أي متغيرات تمر على البشرية”.
وفي عودة إلى بداية ظهور الفيروس ثم التكيف معه لاحقا قالت المواطنة بدرية حسين ل(كونا) إنها “انفصلت جسديا ونفسيا عن العالم المحيط والتزمت التباعد والحذر في حال الاضطرار إلى الخروج من المنزل” خوفا من إصابتها بالمرض أو نقله لأحد أفراد أسرتها ولكنها رغم تلك القيود تحمد الله لأنها لم تصب ولم تكن سببا في إصابة أحد.
ورغم ذلك تكيفت بدرية مع الوضع الجديد “بالاعتماد على وسائل تواصل بديلة مع أفراد الأسرة وخصوصا كبار السن منهم لتعويض التواصل الجسدي المفقود معهم” كما بادرت إلى تلقي اللقاح “الذي وفرته الدولة مشكورة” على أمل “العودة ولو تدريجيا الى الحياة السابقة بمختلف نشاطاتها من عمل وتسوق وسفر وخلافه”.
من ناحيته قال فهد شهاب ل(كونا) إنه بعد انتشار الوباء في العالم ثم وصوله إلى الكويت أصبح لزاما عليه وعلى عائلته التكيف والتعايش مع عن طريق الالتزام بالتعليمات الصحية والتباعد الاجتماعي حرصا على مصلحة عائلته في المقام الأول والمجتمع في المقام الثاني.
وأوضح شهاب أن تعايشه مع وباء كورونا في بداية انتشاره كان سلبيا لما تملكه من خوف في التعامل معه هو وأسرته وخصوصا مع ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات.
وبين أنه مع مرور الوقت الكافي تحول هذا التعايش الى إيجابي خصوصا بعد تلقيه اللقاح هو وعائلته فانعكس عليهم اطمئنانا مصاحبا للحذر فبدأوا بالرجوع لممارسة أمور يومهم المعتادة كالعودة إلى العمل والتسوق والزيارات الأسرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى