نشرت مجلة ميد تحليلا تناول تأثير الحلول الرقمية وتبنيها على نطاق واسع في دفع صناعة الإنشاءات في الشرق الأوسط نحو التعافي بعد الاضطراب والابتكار في طرق التفكير والعمل عبر الصناعات المختلفة عقب انتشار جائحة كورونا العام الماضي، والتي أربكت معظم الصناعات ودفعتها خارج النطاق المريح الخاص بها إلى تبني البيئات التي تعتمد الحلول الرقمية، وصناعة الإنشاءات بالتأكيد ليست استثناء من هذا القول.
وقال معد التحليل مدير مركز التميز في شركة الإنشاءات الذكية والأستاذ المشارك في جامعة هيربوت وات في دبي انه برغم ذلك فإن الكفاءة ومواكبة التطورات التكنولوجية أمران ضروريان لصناعة البناء للتقدم ومواصلة الازدهار.
وكان تطور الممارسات الرقمية في قطاع البناء قبل كورونا بطيئا للغاية برغم الجهود المبذولة لدفع المبادرات مثل نمذجة معلومات البناء وأنظمة المعلومات الجغرافية، وكانت صناعة البناء من بين أقل الصناعات الرقمية في العالم وفقا لمؤشر الرقمنة لمعهد ماكينزي العالمي في عام 2016.
وقالت شركة ماكينزي اند كومباني ان استخدام التكنولوجيا والممارسات الرقمية لتعزيز إنتاجية صناعة البناء لمواكبة الاقتصاد الكلي من شأنه أن يعزز قيمة القطاع بنحو 1.6 تريليون دولار.
وهذا من شأنه أن يضيف حوالي 2% إلى الاقتصاد العالمي، أو ما يعادل تلبية حوالي نصف احتياجات البنية التحتية في العالم.
قيادة التبني الرقمي
لقد تحدى الوباء العمليات والمنصات التقليدية في قطاع البناء. فبالنسبة للصناعة التي تعتمد على العمل اليدوي والعمل في الموقع، أدى إغلاق المواقع وتقليل عدد الموظفين فيها والحاجة إلى مزيد من الاتصالات والمراقبة عن بعد إلى زيادة كبيرة في استخدام الممارسات الرقمية.
وتستفيد العديد من المؤسسات الآن من التكنولوجيا للبقاء على الهدف وفي حدود الميزانية، وللمساعدة في تعافي الصناعة، وأدت الجهود الحالية لتوفير منصة للمعرفة والقدرات التي يمكن البناء عليها للتقنيات المستقبلية، وأدى استخدام نمذجة معلومات البناء إلى خفض التكاليف وزيادة الكفاءة وتحسين التعاون في المشاريع.
كما أدى إلى تحديث العمليات، وتعزيز استخدام المنصات المبتكرة، فضلا عن جذب المواهب الشابة لمواصلة القيادة.
صقل المهارات
ولكن المحلل قال انه مع ذلك، فإن قطاع البناء لا يزال في بداية رحلة التحول الرقمي، وبالتالي لا يزال أمامه العديد من التحديات التي يجب مواجهتها.
وقبل التركيز على القيود التكنولوجية للصناعة، من الضروري النظر إلى استعداد القوى العاملة لاحتضان الرقمنة، وإذا لم يكن موظفو قطاع البناء مجهزين بالموارد والعقلية والحلول المناسبة لاعتماد التكنولوجيا، فإن أي استراتيجية تنطوي على تحول رقمي سيكون مصيرها الفشل.
ان العمليات الجديدة المعقدة تجلب معها الحاجة إلى التدريب، وبالتالي وبرغم أهمية التحول الرقمي، فلابد من تحسين مهارات القوى العاملة بشكل متواز، ومن هنا، فإن العديد من المنظمات تهدف إلى تحقيق ذلك من خلال توفير برامج تطوير للموظفين.
ولكن ذلك لا يمثل حلا طويل الأمد، بل يجب أن تتعاون الصناعة والأوساط الأكاديمية لتصميم وتقديم برامج تعليمية وقائمة على العمل لتجهيز الجيل المستقبلي من المهنيين لقيادة صناعة رقمية أكثر إبداعا، وأخيرا يجب معالجة التحديات التي يواجهها قطاع البناء من الداخل، إذ لايزال المتخصصون في صناعة البناء يكافحون لإيجاد حلول تسمح لهم بالتحول بشكل مريح إلى العمليات الرقمية.