عربي وعالمي

«الأولوية للحرب»… ميزانية الـ 36 تريليون روبل «الأضخم في تاريخ روسيا الحديث»

تخطط روسيا لزيادة الإنفاق الحكومي خلال السنة المالية المقبلة بأكثر من 25 في المئة مقارنة بالسنة الحالية، وسط توقعات بأن الكرملين سيجمع الأموال بشكل أكبر لدعم غزو أوكرانيا، وفقاً لتقرير صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية.
وتدرج مسودة الميزانية البالغة 36.6 تريليون روبل (383 مليار دولار)، التي قدمها رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين «تعزيز الإمكانات الدفاعية للبلاد» كأولوية رئيسية إلى جانب دعم «دمج المناطق الجديدة» التي جرى ضمها جزئياً من أوكرانيا العام الماضي.
وتسلّط الخطط الضوء أيضاً على «الدعم الاجتماعي للفئات الأكثر ضعفاً»، وهي علامة على أن الكرملين يعتزم زيادة الإنفاق على معاشات التقاعد والرعاية الاجتماعية قبل الانتخابات الرئاسية في مارس المقبل.
وبحسب خبراء، فهذا يعني أن، فلاديمير بوتين، الذي يتولى مقاليد السلطة في روسيا، رئيساً أو رئيساً للوزراء منذ 24 عاماً، يسعى للفوز في تلك الانتخابات ليمتد حكمه حتى سنة 2030 على الأقل.
«الأضخم»
ورغم أن المسؤولين لم يذكروا حجم الميزانية التي ستخصص للإنفاق العسكري، وهو أمر سري، فإن الزيادة أظهرت أنه «لم يكن هناك مثل هذا الإنفاق الدفاعي الضخم في تاريخ روسيا الحديث بأكمله»، وفقاً للمسؤولة السابقة في البنك الروسي المركزي ألكسندرا بروكوبينكو.
وأوضحت بروكوبينكو، وهي زميل غير مقيم في مركز «كارنيغي روسيا أوراسيا»: «هذا يدل على أن الكرملين حدد أولوياته، والأولوية الرئيسية هي الحرب، يليها الإنفاق الاجتماعي والأمن الداخلي».
وأضافت: «بوتين يراهن على حرب طويلة، لقد أصبحت الحرب حاسمة بالنسبة للنظام والاقتصاد».
وكانت وكالة «بلومبيرغ» ذكرت، الجمعة، أن روسيا تخطط لرفع الإنفاق الدفاعي إلى ما يقرب من 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة من 3.9 في المئة هذا العام و2.7 في المئة عن 2021، وهو العام الذي سبق أمر بوتين بالغزو في 24 فبراير 2022.
ولم ترد وزارة المالية على طلبات للتعليق من قبل بعض وسائل الإعلام الأجنبية.
وفي عرض تشريع الميزانية، أكد العديد من المسؤولين الحكوميين على الإنفاق الإضافي الذي يمكن أن يعزى إلى خطط بوتين للإنفاق الاجتماعي، التي كان بعضها مرتبطاً بالحرب.
على سبيل المثال، ستدعم الميزانية مؤسسة للمشاركين في «العملية العسكرية الخاصة» وأسرهم، فضلاً عن تغطية المدفوعات السرية للجنود المصابين وأقارب القتلى في المعركة.
«مستقبل قاتم»
وتعكس الميزانية أيضاً المستقبل الاقتصادي القاتم الذي تواجهه روسيا بعد أن عزلتها العقوبات الغربية عن الأسواق العالمية، وحدت من قدرتها على بيع صادرات الطاقة في الخارج.
ورغم أن بوتين أكد الأسبوع الماضي، أن موسكو تغلبت على العقوبات الغربية بعد خروجها من الركود في العام الماضي، فإن توقعات حكومته المنخفضة للروبل الضعيف والأوصاف الغامضة لكيفية جمع الأموال للزيادات الضخمة في الإنفاق، تضع مستقبلاً قاتماً للاقتصاد الروسي.
وأعلنت وزارة الاقتصاد أنها تعتمد في خططها على سعر الروبل الذي يحوم بين 90 و92 مقابل الدولار في الفترة من 2024 إلى 2026، على عكس متوسط ما قبل الحرب الذي زاد قليلاً على 70 روبية.
ويتوقع مشروع الميزانية أن تسجل روسيا عجزاً قدره 1.6 تريليون روبل عام 2024، في حين أقر مجلس الوزراء بأنه لا يتوقع فائضاً خلال السنوات المقبلة، متنبئاً بحدوث عجز في الموازنة العامة حتى عام 2026.
ويتوقع المشروع أيضاً وصول إيرادات الميزانية إلى 35 تريليون روبل، بزيادة تقارب 15 في المئة عن الميزانية الحالية، التي تمت الموافقة عليها العام الماضي.
وقال ميشوستين: «حاولنا إبقاء العجز منخفضاً قدر الإمكان وتوقعنا أنه سيتم تغطيته في الغالب من خلال الاقتراض».
وأكد أن عائدات النفط والغاز، التي مثلت في السنوات الأخيرة ما يصل إلى نصف الميزانية بأكملها، ستصل إلى ثلث إجمالي العام المقبل.
لكن مسؤولين سابقين في البنك المركزي شككوا في كيفية قيام روسيا بتمويل الإنفاق الحكومي مع استمرار العقوبات الغربية في التأثير على صادرات الطاقة.
وقالت المسؤولة السابقة في البنك المركزي الروس، كبيرة الاقتصاديين في مؤسسة رينيسانس كابيتال، صوفيا دونيتس، إن «ارتفاع النفقات الحكومية الذي يقترحه مشروع القانون ليس المفاجأة الحقيقية… بل الزيادة المماثلة تقريباً في الإيرادات هي التي تلفت الأنظار».
وأضافت «من الصعب تفسير هذا الارتفاع، فقط مقارنة بما جرى الكشف عنه بالفعل».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى