إيران لن ترد على ( هجوم نطنز ) لعدم تخريب مسار فيينا
بدأت مساعٍ دولية حثيثة، خصوصاً من الأوروبيين والروس، لتطويق ذيول الهجوم الذي يحمل توقيع إسرائيل على منشأة نطنز النووية الإيرانية دون أن يؤثر على المفاوضات النووية الجارية في فيينا، فيما بدا أن إيران ستتجاهل مرة جديدة الضربة التي تظهر ثغرات كبيرة في نظامها الأمني.
كل المؤشرات التي صدرت عن إيران في الساعات الأخيرة بعد الهجوم الذي تعرضت له منشأة نظنز النووية تفيد بأن طهران ستتجنب أي رد على الضربة، التي تحمل توقيعاً إسرائيلياً، لتفادي أي تأثيرات سلبية قد تحرف مفاوضات فيينا النووية عن مسارها لإحياء الاتفاق النووي، وما يستتبع ذلك من رفع العقوبات القاسية، التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على طهران.
واتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف رسمياً إسرائيل بشن الاعتداء على المحطة الضخمة الواقعة بوسط البلاد، لكنه شدد في كلمة خلال اجتماع بلجنة الأمن الوطني، في البرلمان أمس، على أن بلاده لن تسمح «للصهاينة بالانتقام من الشعب الإيراني للنجاحات التي حققها في مسار رفع العقوبات الظالمة».
وأكد الوزير الإيراني «ضرورة تجنب الوقوع في الفخ الماكر للكيان الصهيوني»، وهي العبارة التي باتت مرادفة في القاموس الإيراني لتجنب الرد، وتوزاي عبارة «الرد في المكان والزمان المناسبين» التي تستخدمها أنظمة أخرى لبعث رسالة بأنها عملياً لن تقوم بالرد.
وأشار رأس الدبلوماسية إلى أن مسؤولي إسرائيل كانوا قد أعلنوا صراحة أنهم لن يسمحوا بأي تقدم على صعيد رفع العقوبات عن إيران، و«هم يتصورون اليوم أنهم حققوا أهدافهم، لكنهم سيتلقون الرد بمزيد من التطوير على الصعيد النووي وتقوية موقفنا التفاوضي».
وقدم ظريف تقريراً مفصلا عن محادثات فيينا التي جرت الأسبوع الماضي، وأوضح أن المباحثات لرفع العقوبات الأميركية ستبدأ غدا في فيينا «في حال أصبحت التفاصيل نهائية».
في موازاة ذلك، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة حادث نطنز بأنه «إرهاب نووي وجريمة ضد الإنسانية»، لكنه لم يحقق هدفه، ولم يتسبب في خسائر بشرية أو تلوث إشعاعي.
وشدد زادة على أن «رد إيران الانتقامي سيكون في الزمان والمكان المناسبين». وكشف خطيب زادة عن إعطاب أجهزة الطرد المركزي من طراز «IR1» الأقدم جراء الهجوم.
تضارب التخصيب
في غضون ذلك، تضاربت الأنباء حول مستقبل استمرار وسرعة تخصيب اليورانيوم بالمنشأة الإيرانية بعد الحادث الذي لم تُعرَف ملابساته بعد. وأشارت تقديرات الى أن عملية التخصيب تضررت بشكل كبير مما سيؤثر على قدرة طهران مدة أشهر، بينما قللت تقارير أخرى من الضرر.
من ناحيته، أكد رئيس هيئة الطاقة الذرية علي صالحي، أن الحادث لم يسفر عن أي خلل، مشدداً على استمرار عمليات التخصيب بعد وصل الكهرباء الاحتياطية.
ولا تزال المعلومات تتحدث عن سيناريوهين للهجوم؛ الاول انه نفذ باختراق سيبراني، والثاني أنه نجم عن انفجار بعبوات ناسفة زرعت في المكان.
إصابة غامضة
وبعد ساعات من إعلان منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وقوع حادث نطنز، أعلن سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي، اندلاع حريق آخر في المنشأة ذاتها، في حين أفادت تقارير رسمية بأن المتحدث باسم منظمة الطاقة بهروز كمالوندي، تعرض لكسور في قدمه ورأسه أثناء زيارته للموقع دون الإشارة إلى ما أعلنه رضائي.
نتنياهو وأوستن
على الجانب الآخر، أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف بنيامين نتنياهو، أنه لن يسمح لإيران بالحصول على قدرات نووية تهدد إسرائيل، خلال استقباله لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الذي عقد مباحثات حول التحديات الأمنية الإقليمية في تل أبيب على مدار اليومين الماضيين.
وقال نتنياهو: «إسرائيل ستواصل الدفاع عن نفسها ضد العدوان الإيراني»، متهما طهران، التي وصفها بأنها أخطر نظام في الشرق الاوسط، بأنها «لم تتخلَّ قط عن سعيها لامتلاك أسلحة نووية».
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس تعهد بالتعاون مع واشنطن فيما يتعلق بالملف الإيراني، وعبر عن أمله أن تتم حماية أمن إسرائيل في أي اتفاق نووي جديد تتوصل إليه واشنطن مع طهران.
وذكر خلال استقباله أوستن: «سنعمل عن كثب مع حلفائنا الأميركيين لضمان أن يؤمن أي اتفاق جديد مع إيران المصالح الحيوية للعالم وللولايات المتحدة، ويمنع سباق تسلح خطر في منطقتنا».
تحذير وتشاؤم
على الصعيد الدولي، رأت ألمانيا أن تشغيل طهران أجهزة طرد مركزي متطورة في نطنز أخيراً «غير إيجابية» لمسار فيينا، في حين حذّر الاتحاد الأوروبي من أي محاولات لتقويض أو إضعاف الجهود الدبلوماسية المرتبطة بالاتفاق النووي. وأصدرت موسكو بيانا متطابقا، حذرت فيه من ان يقوض الهجوم المفاوضات، وذلك بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى طهران لتوقيع وثيقة التعاون الشامل بين البلدين.
وفي خطوة تُظهر أن الأوروبيين يحملون العصا بيد والجزرة بأخرى، فرض الاتحاد الأوروبي، أمس، عقوبات على 8 مسؤولين أمنيين إيرانيين في إطار قمع تظاهرات 2019.