يوصي أطباء القلب بإجراء فحوصات طبية بشكل منتظم لمن يحملون تاريخاً عائلياً في مرض الشريان التاجي المبكر، لتجنب ما لا تحمد عقباه.
حين تعرف تفاصيل وضعك، من الأسهل عليك أن تطّلع على الفحوصات اللازمة وتتخذ القرارات المناسبة بشأن العلاج.
نظراً إلى شيوع أمراض القلب بين الناس، يرتفع احتمال أن يكون أحد أقاربك مصاباً بنوع من هذه الأمراض. لكن يجب أن تتوخى الحذر إذا أصيب أقرب أفراد عائلتك (أحد الوالدَين أو الأشقاء) بنوبة قلبية أو مشكلة ذات صلة في عمر مبكر نسبياً. تُعرَف هذه الحالة باسم مرض الشريان التاجي المبكر، وتشير إلى نوبة قلبية تقع قبل عمر الخامسة والخمسين لدى الرجال وقبل عمر الخامسة والستين لدى النساء.
الصفائح الدهنية
ينجم مرض الشريان التاجي عن تراكم الصفائح الدهنية، فتضيق الشرايين التي تغذي القلب. يكون هذا المرض مسؤولاً عن معظم النوبات القلبية، ويُعتبر حتى الآن من أكثر أمراض القلب شيوعاً. لكن قد تؤدي الأمراض الوراثية غير الشائعة إلى توقف خفقان القلب بطريقة غير متوقعة أيضاً، وتُعرَف هذه الحالة باسم السكتة القلبية لدى الأشخاص الأصغر سناً.
السكتة القلبية
قد تحصل السكتة القلبية المفاجئة في خضم النوبة القلبية. يحرم الشريان المسدود القلب من الأوكسجين، مما يؤدي إلى نشوء إيقاع قلبي قاتل. لحسن الحظ، تُعتبر هذه الحالة استثناءً من القاعدة لأن معظم النوبات لا تُسبب سكتة قلبية.
لكن يقول د. جيمس جانوزي، أستاذ وطبيب قلب في مستشفى “ماساتشوستس” العام التابع لجامعة “هارفارد”، إن الحالتَين تختلطان ببعضهما في معظم الأوقات: “حين يموت أي شخص فجأةً، غالباً ما تُنسَب المشكلة إلى “نوبة قلبية”. لكن قد تحصل السكتة القلبية لأسباب عدة”. في عمر مبكر، تشمل الأسباب المحتملة تشوهات قلبية وراثية مثل متلازمة “كيو تي” الخلقية طويلة الأمد: إنه اضطراب نادر في نظام القلب الكهربائي، وهو ينجم عن طفرات في مجموعة من الجينات المختلفة. يمكن الاشتباه بالإصابة بمتلازمة “كيو تي” عند وجود تاريخ في نوبات الإغماء غبر المبررة، غداة التمارين الجسدية المكثفة أو الضجة الصاخبة والمفاجئة. يتعلق احتمال آخر باعتلال عضلة القلب الضخامي، الذي يزيد سماكة عضلة القلب، مما يؤدي أحياناً إلى سكتة قلبية لدى الشباب أو الناس في منتصف العمر.
تعرّف على تاريخك العائلي
يقول جانوزي: من خلال فهم تفاصيل وظروف المشكلة القلبية لدى أقرب الناس إليك، يمكنك إحداث فرق كبير في طريقة تقييم وضعك ووضع أفراد عائلتك ومعالجة المشاكل الصحية القائمة. إذا أصيب شقيقك أو شقيقتك أو أحد والدَيك بنوبة قلبية في منتصف العمر مثلاً، يجب أن تتوخى حذراً مضاعفاً وتحرص على تطبيق التوصيات المناسبة لتخفيض مخاطر إصابتك بمرض الشريان التاجي.
من الأصعب توقّع السكتة القلبية وتجنّبها، لكن قد يسمح تقرير أصدرته “الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال” في شهر يونيو الماضي، بالكشف عن حالات وراثية غير شائعة. يدعو هذا التقرير إلى فحص جميع الأولاد بحثاً عن أي حالات قد تُسبب سكتة قلبية عبر طرح أسئلة عن الإغماء، ونوبات الصرع غير المبررة، وألم الصدر، وضيق التنفس، ووجود تاريخ عائلي بأمراض القلب أو حالات وفاة مرتبطة بصحة القلب قبل عمر الخمسين.
الطبيعة والأسباب
بشكل عام، يتأثر المصابون بنوبات قلبية في عمر الأربعينيات والخمسينيات بعوامل خطر تقليدية تُسبّب مرض الشريان التاجي، ويمكن رصدها لدى الأشخاص الأكبر سناً. قد يرتبط جزء من هذه العوامل، مثل ارتفاع مستوى الكولسترول وضغط الدم، بالجينات التي يحملها الفرد من والدَيه. لكن تكون العادات غير الصحية، مثل التدخين وسوء الحمية الغذائية والعادات الرياضية، شائعة في العائلات نفسها عموماً وقد تزيد نسبة الخطر.
في معظم الأوقات، تنجم المخاطر الوراثية عن عشرات الطفرات في جينات مختلفة. لكن قد يشتق ارتفاع الكولسترول السيئ بدرجة غير طبيعية من طفرة في إحدى الجينات التي تسيطر على طريقة تعامل الجسم مع الكولسترول. تُعرَف هذه الحالة باسم فرط كولسترول الدم العائلي، وتصيب شخصاً واحداً من كل مئتين، وتُعتبر من أبرز أسباب أمراض القلب المبكرة. لهذا السبب، يوصي الخبراء بفحص الكولسترول لدى الأولاد، مرة واحدة على الأقل، بين عمر التاسعة والحادية عشرة، ثم بين عمر السابعة عشرة والواحد والعشرين.
قد يوصي أطباء القلب أيضاً بفحوصات أخرى لمن يحملون تاريخاً عائلياً في مرض الشريان التاجي المبكر، منها قياس البروتين الدهني “أ” في الدم، علماً أن هذا العامل يسيء إلى القلب أكثر من الكولسترول السيئ. وبما أن معدلات البروتين الدهني “أ” تكون موروثة، يحمل كل من يسجل مستويات مرتفعة منه (حوالى 20% من عامة الناس) تاريخاً عائلياً بالنوبات القلبية أو الجلطات الدماغية المبكرة. لكن لا يواجه عدد كبير من هذه الفئة أي مخاطر تقليدية أخرى للإصابة بأمراض القلب، مثل ارتفاع مستوى الكولسترول السيئ أو ضغط الدم. أصبحت علاجات جديدة لارتفاع مستوى البروتين الدهني “أ” قيد الدراسة في الوقت الراهن لتقييم قدرتها على تقليص مخاطر النوبات القلبية والجلطات الدماغية.