لا شك أن السلوك المهني هو ما يميز شركة دون غيرها من الشركات المتنافسة في السوق الواحد، والذي يحقق لها الاستدامة على المدى الطويل.
وكل الإجراءات والخطوات التي تقوم بها الشركة يجب ان ترتكز أولا على مفاهيم القيم المختارة بعناية والتي تتبناها الشركة مثل النزاهة، التميز، السلامة، المسؤولية، وغيرها.
فمن خلال التصرف بطريقة نظامية وأخلاقية فاعلة، فإن النتيجة الحتمية ستكون بلا شك بناء سمعة جيدة في قطاعات الأعمال والسوق المستهدف.
وبذلك يكون دور الشركة الرئيسي هو الالتزام بأداء الأعمال بطريقة أخلاقية، تتوافق فيها الممارسة التجارية مع القيم والمبادئ التنظيمية من جانب، مع الأعمال والتعاملات اليومية من جانب آخر.
ويعتمد النجاح المنشود على التأكد من أن هذه الممارسات تتماشى مع مدونة قواعد السلوك المهني. فكلما استطاع مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية من اختزال أساليب العمل اليومية والاستراتيجية بـ 3 أو 5 كلمات – تسمى القيم – كلما تم تحديد إطار العمل، الذي يفهمه أصحاب المصالح على أثره.
ففي نهاية اليوم يجب أن تكون المعادلة الرياضية واضحة وقائمة على ان «كل ما تقوم به الشركة من أعمال وإجراءات تعكس بالحقيقة قيمة العلامة التجارية لها، كما أن ميثاق الأعمال يوضح طريقة تلك التعاملات».
ومن خلال دراسة متخصصة، قامت شركة اكسبر للاستشارات وإدارة الأعمال من موقع دورها في تطوير بيئة الأعمال بإصدار مستند ميثاق العمل والذي تم تقسيمه الى 5 أجزاء رئيسية لتوعية المؤسسات بأهمية هذه المادة والإضافة المحققة.
ففي الجزء الأول، يقول الرئيس التنفيذي للشركة م.نايف بستكي بأن ميثاق العمل لم يعد ترفا تجاريا او مادة إضافية، بل انه أصبح اليوم من سبل إدارة المؤسسات بشكل احترافي دقيق، والذي يضمن استمرار بقاء الأعمال على المدى الطويل. ويتناول هذا الجزء مفهوم الحوكمة، ميثاق العمل، الأهمية، طريقة العمل، بالإضافة الى مقدمة عامة عن الموضوع.
الحوكمة
تقوم الحوكمة بتنظيم العلاقة ما بين مساهمين الشركة -مجلس الإدارة، الإدارة التنفيذية، وأصحاب المصالح، وذلك بهدف الحفاظ على أصول الشركة ومكتسباتها لمدة طويلة. وتعتبر الحوكمة أحد أهم أدوار أعضاء مجلس الإدارة، في وضع الإجراءات المساهمة في تسهيل عملية اتخاذ القرار، وإضفاء طابع المصداقية عليها، وذلك بغرض حماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالح وتحقيق العدالة والتنافسية والشفافية في السوق وبيئة الأعمال، مما يساهم في توجيه رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية نحو تنمية الشركة. كما تركز أنظمة وقوانين الحوكمة على الحد من استخدام السلطة الإدارية في غير موضعها وبالتالي بعدها عن اتجاه مساهميها. بالإضافة الى ذلك فإن الحوكمة الرشيدة تقوم بتعزيز دور الرقابة الداخلية، ومتابعة تنفيذ الاستراتيجيات، وتحديد الأدوار والصلاحيات لكل من المساهمين. ولذلك تعتبر منظومة الحوكمة من الوسائل الإدارية الحديثة والتي تؤكد على أهمية الشفافية والإفصاح، في إدارة وتنفيذ الأعمال. فلم تعد الحوكمة عنصرا مكملا أو ثانويا للأعمال التجارية، بل أصبحت اليوم إحدى ركائز العملية المؤسسية الحديثة.
ميثاق العمل
تعتمد استراتيجية العمل في الشراكات العالمية الناجحة، على التعريف بالشركة أولا، ولماذا تم اختيار هذا القطاع تحديدا من الأعمال، القيم والمبادئ التي تحملها، وكيف سيتم الوصول للنتائج، بالإضافة الى أين ستصل إليه الشركة في المستقبل. وتكمن أهمية تلك المحاور بأنها تجعل من المتعاملين مع الشركة وأصحاب المصالح على دراية واطلاع تام بما تقوم به الشركة وتسعى لتحقيقه. وميثاق العمل وهو مستند إداري يشتمل على معايير وضوابط تعمل على ترسيخ ثقافة السلوك المهني والقيم الأخلاقية للشركة والمبادئ الأساسية لأخلاقيات العمل لديها ضمن إطار حوكمة الشركة، حيث إن لترسيخ هذه الإجراءات دورها في ضمان قيام أعمال الشركة اليومية وفقا لأعلى المقاييس فإنه سيعزز من ثقة المستثمرين في الشركة. وتعتبر القيم من المبادئ التي تعتمد عليها الشركة في إدارة أعمالها اليومية وبشكل مستمر، والذي يضمن بقاءها في الأسواق لفترة طويلة. كما أن مثل تلك النظم واللوائح الداخلية من شأنها ضمان الحصول على النتائج بالطريقة الصحيحة وبشكل مستمر. إضافة الى أن لميثاق العمل أهميته القصوى في أعمال الشركة والذي يساعد في فهم كيف سيتم استغلال وتوظيف القيم والمبادئ في أعمال الشركة اليومية. وتنطبق قواعد سلوك العمل على أعضاء مجلس الإدارة وموظفي الشركة، بالإضافة إلى المقاولين والشركات التابعة لها، وتحدد هذه القواعد المعايير الأساس للسلوكيات النظامية والأخلاقية، كما أنه من المتوقع أن يتعامل أصحاب المصالح مع الشركة بنفس تلك المبادئ الأخلاقية التي ترفعها وتتعهد بها.
الأهمية
يبحث المستثمرون وأصحاب الثروات عن تلك الشركات التي لديها نظام متين للحوكمة، والتي تستطيع توجيه تلك الاستثمارات في قنوات الصرف الصحيحة، والتي تعد بأقصى قدر من الإيرادات المالية في المستقبل. كما أنه بوجود نظم ولوائح تحصن أعمال الشركة، تضمن استمرارية بقاء الشركة في السوق على المدى الطويل، خصوصا للشركات العائلية منها. بالإضافة الى ذلك فإن تلك القيم الأخلاقية تساهم في الحفاظ على المصادر المالية للشركة وحقوق المساهمين. كما أن لوجود تلك النظم لإدارة الشركة، فإنه من شأنها الحفاظ على السمعة الطيبة المكتسبة. وتساهم تلك المبادئ في معرفة المخاطر والعقبات المحيطة بالشركة، وتقيس قوة تأثيرها. كما تمكن تلك اللوائح تحقيق العدالة والشفافية المنشودة لأصحاب المصالح، الذين سيتمكنون بدورهم من متابعة أداء استثماراتهم بشكل مستمر. ولعله من الإيجابيات الأخرى لتلك المعايير الأخلاقية هو حصول الشركة على التمويل المالي اللازمة لتوسعة الأعمال وذلك بتكاليف بنكية أقل. وعلاوة عن ذلك فإنها تساهم في توجيه مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية لاتخاذ المزيد من القرارات الصحيحة. وبذلك فإن نجاح الشركات والمؤسسات يعتمد بشكل أساسي على مدى التزامها بتطبيق تلك القيم والمبادئ التي تتبناها بشكل مستمر في أعمالها اليومية، وتقوم بتنفيذها والعمل من خلالها قبل التصريح بها. ويتمثل الغرض من قواعد سلوكيات العمل في مساعدة الشركة على الوفاء بالالتزامات الأخلاقية تجاه أصحاب المصالح، وتجاه الشركة.
طريقة العمل
يتعين على الإدارة التنفيذية في الشركة وبقية الموظفين، العمل على اتخاذ المزيد من القرارات الصحيحة، وذلك لتحقيق نجاح الشركة المنشود. أما في حال وجود لبس حول تلك القرارات المتخذة، فإنه يتوجب الإجابة عن كل من الأسئلة الرئيسية التالية بشكل دوري:
٭ هل إطار القرار قانوني؟
٭ هل القرار المتخذ منسجم مع نظم الشركة؟
٭ هل ينطبق القرار مع سياسة الشركة؟
٭ هل يحقق المنفعة العامة لجميع أقسام الشركة؟
٭ هل يخشى الإعلان عن هذا القرار أمام العامة وفي الإعلام؟
وختاما، يقول م.نايف بستكي بأنه لتحقيق ميثاق العمل المؤسسي، فإنه يتعين على مجلس الإدارة وضع اللوائح والسياسات اللازمة، ومتابعة تنفيذها وذلك لتغيير مفهوم الثقافة المؤسسية السائدة.
ويضيف بأن الشركة ستستمر في بقية الأجزاء القادمة من هذه المادة بتحليل أدوار الموظف وكيفية التعامل مع بقية الموظفين، الموردين، الشركة، المساهمين، المسؤولية الاجتماعية، بالإضافة الى المسؤولية تجاه الدولة.
السلوك المهني.. حاجة أساسية
تقوم شركة اكسبر للاستشارات وإدارة الأعمال بالتواصل مع زبائنها من أعضاء مجالس إدارات الشركات في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي والإدارات التنفيذية الأخرى، وذلك بهدف تسليط الضوء على أهمية هذه المادة – ميثاق العمل – والإضافات التي ستحققها للشركة وأصحاب المصالح، بالإضافة الى الخسائر الناتجة من عدم تطبيق تلك الأنظمة القيمية، والركود الذي قد تقف عنده تلك الشركات. وكما تمت مناقشته في هذه الوثيقة، فإن دور قواعد السلوك المهني يتعدى تطبيق إجراءات الجهات الرقابية في الدول بشكل كبير، بل أنها أصبحت اليوم حاجة أساسية لبقاء الشركة في المنافسة لمدة طويلة. وبذلك يكون دور أعضاء مجالس إدارات الشركات المختلفة يرتكز على ترسيخ ونشر ثقافة السلوك المهني السليم والقيم الأخلاقية داخل كيان الأعمال، والذي يعزز بدوره من ثقة المساهمين والمستثمرين وأصحاب المصالح في الشركة. وبهذا فإن أساس قيام أي شركة هو بناء الهوية والثقافة السائدة، والتي من شأنها توجيه أعمال وأنشطة الشركة اليومية بشكل مستمر وعلى المدى الطويل، حتى في حال غياب الرقابة. ويمكن إطلاق مصطلح الديناميكية على مستند الأعمال الأخلاقية، والتي يكون وقودها المحرك وهو القيم والمبادئ المهنية التابعة.
ولهذا تقول شركة اكسبر للاستشارات بأن وجود مثل هذا الدستور التجاري من شأنه تحقيق القيمة العظمى التي تضمن بقاء المؤسسة على المدى الطويل، وبالتالي الاستمرار في تحقيق المزيد من النتائج الإيجابية والربحية المنتظرة.
الحرية الاقتصادية تكافح الفساد
تناولت دراسة «اكسبر» تقرير البنك الدولي الذي كشف بأن تكلفة الفساد على حجم الاقتصاد الكلي يشكل حوالي 30% من قيمته الكلية، وهو ما استدعى الكثير من المؤسسات العامة والخاصة من صرف المزيد من الميزانيات المالية نحو الحفاظ على تلك القيمة من الهدر المالي العام. كما توضح نتائج الدراسات والتحليلات بأنه كلما زاد مستوى الحرية الاقتصادية في المؤسسة، كلما عزز ذلك من معدل الشفافية، والذي يتناسب عكسيا مع معدل الفساد، أي انه بوجود الحرية تقل نسبة الفساد. كما انه من المتعارف عليه أن الفساد مرتبط بشكل كبير ببيئة الأعمال، والتي تتطلب وجود ثقافة مؤسسية عامة للحد من مثل تلك الظواهر السلبية. فكلما جرت الأيام على المؤسسة، كلما عزز ذلك من موقعها ومكانتها في مؤشرات الفساد، فالمؤسسات التي استباح بها الفساد منذ فترة طويلة، تحتاج الى أوقات أطول من غيرها لمعالجة تلك الترسبات الإدارية السيئة. كما ان السمعة التي تم تصديرها عن المؤسسة لجموع أصحاب المصالح تحتاج للمزيد من الأوقات لتغييرها.
