آلاف الفلسطينيين يتحدون الاحتلال ويحيون ليلة القدر في «الأقصى»
شارف رمضان على نهايته لكن عداد الإصابات في صفوف الفلسطينيين بنيران قوات الاحتلال يواصل تسجيل المزيد من المنتفضين على قرارات التهجير القسرية التي تتخذها قوات الاحتلال، لاسيما ضد سكان حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، في حين تواصلت ردود الفعل العربية والإقليمية والدولية المنددة بالاقتحامات الإسرائيلية.
وبعد سقوط أكثر من 220 جريحا في ليلة دامية بأولى القبلتين، اقتحمت فيها الشرطة الاسرائيلية باحات الأقصى بعد الافطار وصلاة التراويح أول من أمس، استنفرت قوات الاحتلال بكل ما اوتيت من اسلحة لمواجهة حشود غفيرة من الفلسطينيين تداعوا من جميع الاراضي المحتلة للتوجه الى القدس لإحياء ليلة القدر أمس.
واستبقت سلطات الاحتلال وصول المصلين الى المسجد الأقصى المبارك، وبدأت منذ صباح أمس حملة اعتقالات واسعة بين استهدفت أكثر من 25 شابا وجميعهم أسرى سابقون تعرضوا للاعتقال المتكرر على مدار سنوات، وبينهم قياديون من حركة «فتح»، بحسب وكالة «وفا» الفلسطينية.
وقد حاولت قوات الاحتلال أمس منع الحافلات التي تنقل مئات الفلسطينيين من باقي المناطق من دخول القدس واحتجزت العشرات منها قرب معسكر، ورغم ذلك وصل الآلاف من أراضي الـ 48، وتمكنوا من الدخول إلى القدس والمسجد الأقصى لإحياء ليلة القدر.
وتوجه مئات المقدسيين بسياراتهم الخاصة لنقل كل من تقطعت بهم السبل وتوجه آخرون مشياً على الاقدام للمسجد الأقصى، ووقعت مواجهات عنيفة استخدمت خلالها قوات الاحتلال الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية ما اسفر عن وقوع عدة اصابات.
وسمحت قوات الاحتلال بإدخال 5 آلاف وجبة لإفطار الصائمين في المسجد الأقصى المبارك، فيما منعت إدخال 25 ألف وجبة أخرى كانت أعدتها الأوقاف الاسلامية لتوفير الافطار لضيوف المسجد الأقصى.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ـ في تغريدة له على موقع تويتر ـ إن رئيس الأركان أفيف كوخاف أوعز بإرسال تعزيزات إضافية للقوات الموجودة في شوارع القدس المحتلة.
ويتـوقـــع ان تتــواصـــل الاحتجاجات اليوم وغدا موعد الجلسة الجديدة للمحكمة الاسرائيلية التي تنظر قضية طرد نحو 60 عائلة فلسطينية يقدر افرادها بنحو 500 شخص من منازلهم في الشيخ جراح لمنحها لمستوطنين يهود متطرفين يدعون احقيتهم بها.
ويستخدم جنود الاحتلال قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي الذي أوقع عدة اصابات خطيرة، حيث يوجهه المحتلون إلى وجوه وصدور الفلسطينيين العزل.
أعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، عقد دورة طارئة لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين غدا، حضوريا برئاسة قطر الرئيس الحالي لمجلس الجامعة، بناء على طلب دولة فلسطين وأيدته عدد من الدول العربية، لبحث الجرائم الإسرائيلية والاعتداءات على المصلين في المسجد الأقصى المبارك، إضافة إلى مخططات الاستيلاء على منازل المواطنين المقدسيين، خاصة في حي الشيخ جراح في محاولة لتفريغ المدينة من سكانها وتهجير أهلها.
وبعد دعوة إلى ضبط النفس وجهتها الولايات المتحدة، حضت روسيا وأوروبا إسرائيل والفلسطينيين على تهدئة الوضع الذي وصفه الاتحاد الأوروبي بأنه «متفجر».
وتجددت الادانات الدولية والعربية للاعتداءات على المقدسيين ومحاولات تهجير سكان المدينة واجراء تغيير ديموغرافي بفرض سياسة الأمر الواقع.
ودانت السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين بشدة التعامل الإسرائيلي مع الفلسطينيين في المسجد الأقصى.
وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان رفض المملكة «لما صدر بخصوص خطط وإجراءات إسرائيل لإخلاء منازل فلسطينية بالقدس وفرض السيادة الإسرائيلية عليها».
وشدد البيان على تنديد الرياض «بأي إجراءات أحادية الجانب، ولأي انتهاكات لقرارات الشرعية الدولية، ولكل ما قد يقوض فرص استئناف عملية السلام لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».
من جانبها، أعربت الإمارات عن «قلقها الشديد إزاء أحداث العنف التي شهدتها القدس الشرقية المحتلة»، مؤكدة أنها «تدين بشدة اقتحام المسجد الأقصى الشريف وتهجير عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح».
وأعربت قطر عن «إدانتها بأشد العبارات اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى المبارك واعتدائها الوحشي على المصلين».
كذلك، انتقدت تركيا إسرائيل واتهمتها بإطلاق العنان لـ«الإرهاب» ضد الفلسطينيين.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين على تويتر «عار على إسرائيل ومن يلتزم الصمت في وجه الهجمات المشينة».
عالميا، اعربت الولايات المتحدة عن «قلقها الشديد» إزاء ما يحصل، وأكدت وزارة الخارجية الأميركية انه «من الضروري جدا أن تمارس كل الأطراف ضبط النفس وأن تمتنع عن الأعمال والتصريحات الاستفزازية، وأن تحافظ على الوضع التاريخي للحرم الشريف وجبل الهيكل، بالقول والفعل».
وأضاف البيان «إننا قلقون جدا إزاء احتمال طرد عائلات فلسطينية في حيي الشيخ جراح وسلوان في القدس، لا سيما أن عددا منها عاشت في هذه المنازل على مدى أجيال».
ودعا الاتحاد الأوروبي السلطات الاسرائيلية الى التحرك «بشكل عاجل» لخفض التوتر في القدس.
وقال في بيان «العنف والتحريض غير مقبولين»، مضيفا أن «على القادة السياسيين والدينيين وفي المجتمع من جميع الأطياف التحلي بضبط النفس والمسؤولية والقيام بكل ما هو ممكن لتهدئة هذا الوضع المتفجر».
وفي عمان، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية ضيف الله الفايز في بيان ان «اقتحام الحرم والاعتداء على المصلين الآمنين انتهاك صارخ وسافر وتصرف همجي مدان ومرفوض».
وأعربت وزارة الخارجية المصرية عن «بالغ إدانتها واستنكارها»، مؤكدة «ضرورة تحمل السلطات الإسرائيلية لمسؤوليتها وفق قواعد القانون الدولي لتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين وحقهم في ممارسة الشعائر الدينية».