أخبارفنون

( سعاد الصباح ) : أعطني عصراً ذهبياً أعطك شعراً رائعاً

بمناسبة اليوم العالمي للشعر الذي يصادف اليوم، كتبت الشاعرة الشيخة د.سعاد محمد الصباح قائلة:

الشعر عندي هو خلاصة حياة، وأنا أحاول بالشعر أن أغير العالم، وأجعل البحر أكثر زرقة، والغابات أكثر أشجارا وقلب حبيبي يتسع للعالم.

الشعر هو المطر الذي ننتصر به على الصحراء في داخلنا، وبالشعر أحاول أن أقاتل أشباح الجهل والتخلف.. بالشعر أحاول أن أؤسس مجتمعا تسوده المحبة والحرية والعدل وأن أجعل بين المرأة والرجل علاقة تكافؤ.

أدافع بالشعر عن المرأة حتى تصل إلى شاطئ إنسانيتها، وكل ما أكتبه من شعر كان مرتبطا بقضية الإنسان ومعبرا عن همومه العاطفية والاجتماعية والسياسية، فأنا لا أؤمن بشعر لا يهدف إلى التغيير ولا يفضح السلبيات التي تسود مجتمعاتنا العربية، فالقصيدة التي لا تتجه إلى الجماهير ولا تخاطب عقل الأمة هي كتابات هامشية لا تخدم قضية الإنسان.

أكتب الشعر لأدافع عن المرأة وأنهي عصورا من الوصاية على عقلها وفكرها.

أكتب الشعر لأستعيد سيادة المرأة على اللغة بعد أن طردت منها لعدة قرون.

أكتب الشعر لأطرح قضية المرأة دون وسطاء.. وكلاء ولا محامين.

أكتب الشعر لأعيد التوازن، ولأعيد توزيع الأراضي الثقافية التي وضع الرجل يده عليها.. إنها ثورة الشعر لتطبيق قوانين الإصلاح الزراعي على الثقافة والفكر، فكل ما أكتبه مرتبط بقضية الإنسان، وأنا مع الشعب العربي في كفاحه ضد الطغيان والقمع ومصادرة الرأي، ومع قضية العرب الأولى فلسطين، فلا أهمية لشعر يقف على الحياد.

إن الشعر انحياز كامل مع الحرية ضد الاستيطان، ومع الجمال ضد القبح، ومع العدالة ضد الظلم، فالقضايا لا تتجزأ، وقضية المرأة في نظري وطنية، لأن المرأة وطن.

حاولت من خلال شعري أن أقول للوطن العربي إنه سيبقى وطنا كرتونيا إذا بقيت المرأة منفية خارج أسواره.

إذا كان الاقتصاد تخصصي فإن الشعر هو قدري، ولا يوجد حواجز بين الاختصاص والهواية، فثقافة الشاعر شرط أساسي يساعده على استيعاب عصره، والشاعر الذي يطمح إلى معانقة الكون لابد أن يكون ذا ثقافة كونية.

إن العصر الهلامي الذي نعيشه مسؤول عن التسطيح، فالعصر هو عصر السهولة، والثقافة الضحلة، والقراءة الضحلة، والفنون الهابطة، والأطعمة المثلجة، والعواطف المثلجة، والحب السريع، والربح السريع.

فالشعر لا ينفصل عن الظرف السياسي والقومي والحضاري للأمة، فحين كان العرب أقوياء متألقين، كان شعرهم عظيما ومتألقا.

أعطني عصرا ذهبيا أعطك شعرا رائعا..

إن الشعر لا يقبل بوليصات التأمين ضد الأخطار، الشعر مواجهة بالسلاح الأبيض، ومعركة من أجل التغيير.

فالكلمات لا تعرف أنصاف الحلول. لقد حاولوا كسر عنق كلماتي، وحاولوا أن يرجموني، ولكنهم لم يستطيعوا رجم القصيدة. حاولت مقصات الرقباء أن تقصي كتبي ولكنها تناسلت كالأرانب، فإذا صرخ المتضررون في وجهي فلأن الأشياء المكسورة تتوجع.

سيظلون ورائي..

سيظلون ورائي

بالبواريد ورائي

والسكاكين ورائي

والمجلات الرخيصات ورائي..

فأنا أعرف ما عقدتهم

وأنا أعرف ما موقفهم

من كتابات النساء..

غير أني..

ما تعودت بأن أنظر يوما للوراء..

فأنا أعرف دربي جيدا

والصعاليك -على كثرتهم-

لن يطالوا أبدا كعب حذائي

لن ينالوا شعرة واحدة من كبريائي

فلقد علمني الشعر، بأن أمشي

ورأسي في السماء..

2

أطلقوا خلفي كلاب النقد..

حتى يرعبوني..

سخروا أجهزة الإعلام ضدي

واستعانوا بالجنود الانكشاريين

حتى يسكتوني..

هكذا أوحى لهم سيدهم

أن يصلبوني..

لا كلاب النقد يوما، قد أخافتني

ولا هم خوفوني..

ليس في إمكانهم

أن يقمعوا صوتي..

ولا أن يقمعوني..

ليس في إمكانهم

أن يوقفوا برقي..

وإعصاري..

وأمطار جنوني..

3

أتحداهم جميعا

أتحدى كل أنواع السلالات التي تحكمنا

باسم السماء..

أتحدى سارقي السلطة من شعبي

وتجار العقارات..

وتجار النساء..

أتحدى سارقي حرية الفكر،

ومن أفتوا بذبح الشعر حيا..

وبذبح الشعراء..

أتحدى..

كل من يحترفون السلب.. والنهب..

ومن خانوا تراث الصحراء..

أتحداهم بشعري..

وبنثري..

وصراخي..

وانفجارات دمائي..

أتحدى ألف فرعون على الأرض،

وأنضم لحزب الفقراء..

4

سيظلون ورائي..

بالإشاعات ورائي

والأكاذيب ورائي

غير أني

ما تعودت بأن أنظر يوما للوراء

فلقد علمني الشعر بأن أمشي

ورأسي في السماء..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى